السوافيري يتغلب على أطرافه المبتوره ويقترب من تحقيق حلمه ليصبح مدرسآ

تقرير – جمال غيثview_1426264111

يتنقل أحمد السوافيري بخفة ونشاط قل نظيرهما بين زملائه، داخل مدرسة صفد (أ) في حي الزيتون شرق مدينة غزة، رغم بتر ذراعه الأيسر ورجليه وعدد من أصابع يده اليمني التي لم يتبقى منها سوى ثلاثة أصابع.
ولم تتغير عزيمة السوافيري (25 عامًا) رغم استهدافه من قوات الاحتلال الإسرائيلي في 20 نيسان/ إبريل 2008، وهو في طريقة للدراسة عند أحد زملائه قبل امتحانات الثانوية العامة “التوجيهي”، وبتر أطرافه الثلاثة.

ويصل السوافيري، إلى المدرسة لتعليم طلبة المرحلة الابتدائية مادة “التربية الإسلامية” يوم أو يومين من كل أسبوع، كتدريب ميداني، لنيل شهادة البكالوريوس من جامعة الأمة.

ويحاول محمود السوافيري (17 عامًا) مساعدة شقيقة المصاب أحمد، في الصعود والنزول عن الدرج، وصولًا لسيارته التي يقودها، بعد أن تم تصميمها كي تناسبه وليتمكن من السيطرة عليها بشكل جيد، مستخدما طرفًا اصطناعيًا في يده اليمني.

“فلسطين” رافقت السوافيري، منذ خروجه من منزله الكائن في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، وصولًا لمدرسة صفد الابتدائية “أ” ودخل أحد الفصول الدراسي.

وسرعان ما وقف التلاميذ للترحيب بالمدرس الذي بدوره رحب بهم وطلب منهم الجلوس، وأخد يكتب على “السبورة” رغم بتر أطرافه وما تبقى من أصابع يده اليمنى “التربية الإسلامية” وأسفل منها “درس اليوم/ إسلام عمر بن الخطاب”.

وأخرج التلاميذ كتبهم وسرعان ما فتحوها على الدرس وعلامات الرضا والارتياح تبدوا واضحة على وجناتهم، وقبل أن يبدأ المدرس بالدرس الجديد أخذ بمراجعة الدروس السابقة، تخللها عددًا من الأسئلة وسط إجابات نموذجية من قبل الطلبة.

وأخذ السوافيري، يشرح للطلبة الدرس الجديد ويتنقل بينهم بواسطة كرسيه المتحرك في انتباه وملاحظة الطلبة المستمعين عن نشأة وإسلام عمر بن الخطاب.

ويقول السوافيري: “كنت في بداية الأمر مترددًا للتوجه إلى المدرسة وتعليم الطلبة، وكيف سيستقبلونني ويتقبلوني حسب وضعي، فبعد تفكير قررت التوجه إلى المدرسة، مضيفًا وعلامات الفرح باتت ظاهرة على وجنتيه: “استغربت عند وصولي للمدرسة من تفاعل الطلاب معي وحبهم وإقبالهم عليه”.

ويشير السوافيري (25 عامًا) المتزوج والأب لطفلين، إلى أنه التحق عام 2008 في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية “تأهيل دعاة ومتحفظين” وبمجرد انتهاء دراسة الدبلوم التحق في جامعة الأمة للتعليم المفتوح لدراسة التربية الإسلامية.

ولم يتبقى له في الجامعة سوى فصل دراسي واحد ليبدأ بعدها مرحلة التدريس، وإكمال دراسة الماجستير تخصص تربية، مشيرًا إلى أنه يتخذ من شخصية الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، قدوة له.

ويؤكد أن إعاقته لم تحرمه من الخروج مع زوجته وأطفاله للتنزه والترفيه في مختلف محافظات القطاع، مضيفًا: “تغلبت بنسبة 90% على اعاقتي، لكن أكثر ما يزعجني هو الصعود والنزول عن الدرج”.
وعن أحد المشاهد التي حدثت معه والتي أثرت عليه بشكل كبير يقول بحزن: “كنت أجلس أنا وبنتي جنى (4 أعوام) في أحد الأيام وإذ بجرس المنزل يرن، ونظرا لارتفاعه حاولت الوصول لسماعة الهاتف المرتفعة بصعوبة، وإذ بطفلتي ممددة على الأرض وأخذت تشد برجليها فنظرت لها وسألتها ماذا تفعلين؟! فردت قائلة: أريد أن أعطيك رجلي لترد على الهاتف وتفتح باب المنزل”.

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة