“سماعة واحدة” هو ما يحتاجها “ صيام “ ليشارك أطفاله الضحكات ويعود للعمل

“سماعة واحدة”

هي ما يحتاجها “ صيام “  ليشارك أطفاله الضحكات ويعود للعمل

0000

نبض الجريح – نور اسليم:

اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا ما حيينا، هذه الدعوة يفيق ويبات عليها كل مسلم على وجه الأرض، يرجو بها ربه بأن يحفظ له ما وهبه من نعم عظيمة ومنها سمعه، وهذا حال من في غزة أيضاً، هذه البقعة البيضاء الصغيرة والتي يسعى عدو محتل غاصب بكل ما أوتي من قوة أن يحرمها من أبسط حقوقها بغطرسة وبطش لا يوجد لهما مثيل.

فبعد كل عدوان يشنه عليها، يترك لها أبناءها ما بين الضرير والجريح، وكأنه بذلك يقسم لها بأن لا يدع وسيلة للعذاب إلا ويجربها، فمن حصار الى حرب يعقبه ضيق وحرمان وآلام لم تشفى، معللاً ما يفعله بأمنيته التي يتمنى تحقيقها وهي أن تخرج روحها لتخر راكعة له مسلمة ومستسلمة لأوامره، كما خرج رئيسهم في أحد الأيام معلناً حلمه أمام الملأ “ أتمنى أن أستيقظ ذات صباح وأجد البحر قد ابتلع غزة” ولكنه الموت بلعه هو وغزة بقيت.

قصة الألم لهذا العدد تدور حول ماهر صيام، ذلك الرجل الثلاثيني المشهور بالبساطة والتلقائية، ماهر أصيب في قصف الاحتلال في الحرب الأخيرة، مما تسببت له بمشاكل سمعية كبيرة، حولته من مواطن صحيح منتج إلى ضعيف للسمع عاطل عن العمل.

صيام صاحب البشرة القمحية، اعتاد على الذهاب إلى عمله في الحراسة كل يوم، بحكم واقع عمله كان يسمع “دبة النملة”، ولم يسجل عليه أي خطأ فيه، حتى أنه كان يكرم كل عام على اتقان صنعه.

ولكن هذا الحال تغير بعدما أصبح بحاجة إلى سماعتين معدنيتين تعينه على السمع، حيث ارتأى مسئوليه إيقافه عن عمله، وهنا بدأ مسلسل المعاناة لماهر، حيث انقلبت حياته رأساً على عقب فلم يعد أمامه سوى جدران البيت الذي بناه له والده على أرض شقيقه الشهيد، ليأويه هو وأطفاله الثلاثة.

الصبر والاحتساب

كل ما سبق استطاع صيام بأن يتغلب عليه بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالي، لكن توفير السماعات الطبية هي الأزمة الحقيقية له والتي لم يدع باب جمعية أو مؤسسة إلا وطرقه، وفي النهاية لم يحصل إلا على وعودات بالاتصال به في حال توفرت السماعات.

وبعد ستة أشهر من الانتظار، سمع عن جمعية الأيدي الرحيمة التي تقدم كافة الخدمات للجرحى، فلجأ إليها وكله أمل بأن يتحقق ما يريد، وبالفعل اجتهدت الجمعية ووفرت له سماعة طبية واحدة، ولكن حالة صيام تحتاج إلى سماعتين حتى يتمكن من سماع ما يدور حوله بشكل جيد.

وفي أحد الأيام اتصلت الجمعيات به وتأكدت من كافة بياناته، ووعدته بأن يتم تركيب السماعتين عما قريب، ليفرح بهذا الخبر كثيراً وكأنه ولد من جديد، وينتظر يوم ويومان وشهر وشهرين، ليقعد من جديد أسير الانتظار، ولكن للأسف دون جديد.

حالة صيام الاقتصادية لا تمكنه من شراء السماعتين على حسابه، خاصة و أن بات بلا عمل ويعيل زوجة و أطفال، مناشداً كل من بقلبه رحمه بأن يساعده في توفير سماعتين صغيرتان حجماً ولكن الكبيرة بتأثيرها لأن ستجعله يعايش ضحكات أطفاله التي ينحرم منها في بعض الأوقات، و يسمع لهم و يتحدث معهم.

صيام ختم كلامه مع “ نبض الجريح “ موجهاً رسالة للجميع اناثاً وذكور للصغير والكبير، للغنى والفقير، للغفير والوزير بأن يقفوا إلى جانب الجرحى كل حسب قدرته واستطاعته.

 

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة