جرحى غزة يتنقلون بين مراكز التجميل بحثاً عن حياة جديدة لترميم تشوهات الحرب

[:ar]٢٠١٦٠١٣٠_١٧١٢٤٤

 

  • الطبيب الزعانين عاد إلى القطاع عام 2011، ليجمل الحياة في أعين المصابين، ويرمم التشوهات التي خلّفتها ثلاثة حروب إسرائيلية
  • ارتفاع ثمن عمليات التجميل ومحدودية العيادات تجعل المصابين يتراجعون عن ترميم التشوهات التي تصيب أجسادهم
  • شهدت مراكز التجميل في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة “إقبالاً” ملحوظاً عليها
  • من 10 إلى 15 عملية تجميل أسبوعيًا في مجمع الشفاء الحكومي أغلبها مجانًا لكن ذات علاقة بعمليات التجميل الأساسية فقط

نبض الجريح – ابتسام جلال

ثلاث سنوات مرت، ولا يزال محمد عبد (25عام) يرفض النظر لقدمه اليسرى فقد توسطها حفرة “مقعرة ” بشكل مخيف ومقشعر، نتيجة إصابته بشظايا أحد الصواريخ التي سقطت على منطقة الزنه بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة خلال حرب عام 2012م.

محمد حُرم من أن يلبس الملابس الشبابية وخاصة في فصل الصيف بسبب هذه التشوهات التي أصابت قدمه، وقد حاول الشاب أن يحصل على منحة لترميمه وتجميله لكن المؤسسات المعنية رفضت هذا الأمر، باعتبار هذه العملية ليست ضرورية كما أن الإغلاق المتكرر لمعبر رفح البري حال دون سفره للعلاج في الخارج.

حاول الجريح التوجه لعيادات التجميل في قطاع غزة ولكن ارتفاع ثمن هذه العمليات ومحدودية هذه العيادات جعلته يتراجع عن الفكرة حتى يحصل على عمل يعيل فيه أسرته وكذلك يدخر تكلفة هذه العملية.

ولا يفكر عبد بالزواج في المرحلة الحالية خوفًا من الإحراج، وتابع قائلاً:” لا أحاول أن أشاهد قدمي، في بعض الأحيان أمرر يدي على ملابسي فوق الجرح وعندما أشعر به ينتابني الغضب وأصرخ بشكل جنوني، وأتمنى أن أستطيع إجراء عملية تجميل لها لأعود لحياتي الطبيعية”.

ومن ناحية أخرى شعرت والدة الطفلة نعمة الشيخ والتي لم تتجاوز سبع سنوات بالرضا إزاء النتائج الأولية للعملية والتي رممت جزءً من “الحفرة” في منطقة البطن بعدما أصيبت بها جراء استهداف منزلهم خلال الحرب الأخيرة على غزة.

فلم تتردد والدة الطفلة في إجراء عملية الترميم للتشوهات التي حدثت لطفلتها في عيادة تجميلية محلية، وأضافت:” حاولت الحصول على منحة لعلاج ابنتي بالخارج، لترميم الندبة في بطنها كونها مازالت طفلة وإجراء مثل هذه العمليات في غزة مكلف ويوجد به مخاطر لصغر سنها، إلا أن إغلاق معبر رفح عطّل سفري لفترات طويلة”.

وتابع: “لكن بعد ذلك حصلت من أحد فاعلي الخير على منحة لأجراء العملية في القطاع، في مركز يديره خبير تجميل فلسطيني، سمعت أنه يتقن إجراء العمليات التي يتم تحويلها إلى الخارج، لأحصل بعد إجراء العملية على الرضا الكامل وأثق بالكادر الفلسطيني”.

وتشهد مراكز التجميل في قطاع غزة في السنوات التي تلت الحروب إقبالاً ملحوظاً، وبشكل خاص زادت نسبة الإقبال بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع والتي سببت الكثير من التشوهات المعقدة في أجساد مصابي هذه الحرب رغم أن تكاليف هذه العمليات تعد بسيطة إذا ما قورنت بتكاليفها بالخارج إلا أنها مرتفعة إذا ما قورنت بالوضع المعيشي للسكان في غزة.

تجميل الحياة

“نبض الجريح” قابلت الدكتور صلاح الزعانين، أخصائي استشاري جراحة وتجميل، “عدت إلى أرض الوطن، بعد أن سمعت بأن قطاع غزة بحاجة إلى خبراء تجميل لإجراء عمليات للسكان سواء ترميمية، أو علاجية، أو عمليات تجميلية لأجل التجميل”.

وتابع الطبيب القادم من اليونان بعد إدارته مركزاً تجميلياً في مدينة “أثينا”، لأكثر من (12 عام): “السكان في قطاع غزة يجب أن يتمتعوا بحقوقهم الإنسانية كلها، هو شعب مناضل، ويحب الحياة، وعدت عام 2011، حتى أجمّل الحياة في أعينهم، وأجمل التشوهات التي خلّفتها ثلاثة حروب إسرائيلية على القطاع”.

وذكر أن عشرات الحالات تراجع مركزه أسبوعاً، إذ قيّم الأعداد بـ(4) رجال إلى (6) نساء، من بين كل (10) حالات، وأوضح أن الحالات التي تقصد عيادات التجميل بغزة تكون إما بهدف ترميم وإصلاح تشوهات الحروب، أو بهدف إجراء عمليات تجميلية صحية وعلاجية، أو تجميلية “بحتة”.

إذ تسجل إحصائيات مركز (جراحة التجميل والليزر) وفق المركز الفلسطيني للإحصاء في مدينة غزة إجرائه 15 عملية تجميل كبرى وأكثر من مائة عملية تجميل صغرى بمعدل شهري خلال العامين الأخيرين.

الحصار الإسرائيلي

وبيّن الزعانين أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، أثّر على عمله بشكل كبير جدًا، إذ أجّل من وصول بعض الأجهزة والمستلزمات الطبية إلى مركزه التي كانت ستساعد في تسريع عمليات الترميم والتشوهات.

واستطرد قائلا: “حاولت قدر المستطاع أن أستقطب الأجهزة اللازمة لإجراء العمليات التجميلية، بإصدار عام 2014، وبعضها غير متوفر بدول عربية كثيرة”، لافتاً إلى أن محاولات استقطاب تلك الأجهزة نابع عن مبدأ “غزة تحب الحياة”.

وتابع: “أساهم في تقديم الخدمات التي ممكن أن تقدم في الدول العربية والأوروبية، بشكل يساعد في تقليص عدد الحالات الذين يغادرون القطاع لإجراء عمليات تجميلية، وبذلك أخفف عنهم عناء السفر من معبر رفح، وعناء الغياب عن الحاضنة الاجتماعية لمدة شهر أو أكثر، كما يتاح لهم المراجعة في أي وقت رغبوا به، على خلاف إجراء العمليات بالخارج إذ يبتعد المراجع عن طبيبه بعد العودة إلى القطاع”.

تكلفة عملية التجميل

لا يوجد سوى ثلاثة مراكز متخصصة في إجراء عمليات تجميل على مستوى قطاع غزة وهو عدد قليل بالنظر إلى أن عدد سكان القطاع قارب على 2 مليون نسمة.

وحول تكلفة إجراء العملية التجميلية، قال الزعانين: “التكلفة بشكل عام واضحة، فإن قطاع غزة يعتبر من أرخص بلدان العالم في العمليات التجميلية، كما أن هناك مؤسسات تدعم العمليات الخاصة بجرحى الحروب”.

ويوضح رئيس قسم التجميل والحروق في مجمع (الشفاء) الطبي في غزة الطبيب نافذ أبو شعبان أن الحصار وصعوبات السفر من غزة قيدت دراسة مجال عمليات التجميل في الخارج لتطوير الكفاءات العاملة بالمجال.

ويشير إلى أن “مجال جراحة التجميل واسع جدًا ويحتاج إلى أعداد كبيرة من المتخصصين وهو ما يمنع الحصار حدوثه إلى جانب أنه يقيد دخول الأجهزة الإلكترونية الحديثة اللازمة في هذا المجال، رغم وجود أجهزة متطور في مراكز غزة خاصة أجهزة الليزر”.

ويجرى أبو شعبان من 10 إلى 15 عملية تجميل أسبوعياً في مجمع الشفاء الحكومي تتم أغلبها مجاناً على التأمين الصحي لكن جميعها ذات علاقة بعمليات التجميل الأساسية وأغلبها خاصة بالجرحى.

وأكد أن طبيعة ظروف قطاع غزة وتعرضه لحروب متتالية زاد من خبرة الكادر الطبي فيه في التعامل مع حالات الحروق ومتطلبات العمليات التجميلية وهي خبرة لا تتوفر لدى الكثير من دول الجوار ويمكن أن تحقق مزايا اقتصادية كبيرة حال وجود انفتاح خارجي لهذه العمليات.

 [:]

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة