الجريح أبو حمدة تحدى بتر يده وأتقن العمل في تركيب الصحون اللاقطة

جريح فلسطيني يقهر الاعاقة.mp4.Still003

نبض الجريح – خاص

قدر الله أن يفقد الجريح ” أحمد أبو حمدة ” يده بعد أن كان يعيش حياة مستقرة، لكن لم يستسلم هذا الشاب ؛  لقدره بهزيمة و إنما تحدى إعاقته بعزيمة قوية وإرادة صلبة استطاع من خلالها أن ينجح ويتفوق ويتخطى صعوبات جمة واجهته ليعمل في تركيب الستلايت والصحون اللاقطة وتمديد الشبكات الداخلية المكملة لها .

 

 

برباطة جأش وشجاعة يتميز بها أبناء شعبنا الفلسطيني يتحدث الجريح أبو حمدة 29 عاماً من سكان منطقة الشاطئ غرب مدينة غزة، عن كيفية إصابته وتعايشه مع الإصابة ، ويقول : “  (الخامس عشر من كانون الثاني /يناير 2007) انفجر جسم مشبوه من مخلفات الاحتلال الإسرائيلي على شاطئ بحر غزة في يدي مما أدى لبتر كفي الأيمن”.

مشاهد مؤلمة

ويروي المشهد الذي حدث معه :”” بينما كنت أتجول على شاطئ بحر غزة لاحظت وجود جسم غريب فاقتربت منه لأرى ما هو فانفجر على الفور ، ولاحظت في نفس اللحظة بتر كفي الأيمن وأسرعت لإسعاف نفسي وعندما خرجت للطريق العام لاحظ أصدقائي وأهلي ما جرى لي فقاموا بنقلي فوراً إلى المشفى” .

وبعد عدة ساعات من المكوث في غرفة العمليات أخبره الطبيب بأنه تم بتر كف يده اليمنى فحمد الله على ذلك، ولكن رأى الحزن بأعين أمه وأبيه وأصدقائه وكل من حوله، ومع مرور الوقت تعايشوا  مع إصابته وتقبلوا ذلك ولقى منهم الدعم في جميع شؤون حياته”.

الحزن من قبل من كانوا بجانب الجريح دفعه للخروج بحثاً عن العمل بعد مرور أربع أيام على خروجه من المشفى ليثبت للجميع أن إصابته لم تثنيه عن إكمال مسيرة حياته، وليبدأ في تعلم تركيب الستلايت والصحون اللاقطة وتمديد الشبكات الداخلية المكملة.

وذكر أبو حمدة أن الأمر لم يكن سهلاً مثلما يعتقد الآخرين بل تعرض للكثير من المشاكل والعقبات وخاصة أن اليد المبتورة هي اليد اليمنى والتي يتم الاعتماد عليها كثيراً في العمل، ولكن الإصرار على النجاح في العمل والثقة بالله أقوى من أي إعاقة وهذا ما جعله ينجح ويتخطي جميع العقبات .

وأضاف :” حاليا أنا استخدم يدي المبتورة في عملي ولا أشعر بنقص عن غيري بأي شي وأتابع مسيرة عملي بكل جهد ولا آخذ وقتاً طويلاً في العمل بشهادة الجميع على سرعتي واتقاني في العمل كما أنه أصبح مشهوراً في منطقتي ولدييزبائن كثر، حيث يزيد العمل خلال فترة الشتاء مع العواصف والرياح وتغير مسار الصحون اللاقطة فوق المنازل “.

تمرس المهنة وتزوج

وقد أكمل أبو حمدة نصف دينه بعد بتر يده وتمرسه للمهنة بشكل كبير، خاصة بعدما أصبح قادراً على إعالة أسرته وتزوج من ابنة مختار لأسرة معروفة في غزة، وقد اعتز بتزويجه رغم بتر يده لكونه يمتلك مهنة يعمل بها كما أن المختار اعتبر يده بأنها سبقته إلى الجنة وفق قول الجريح.

وبين أن دعم المجتمع له ساعده كثيراً على تخطي الكثير من العقبات وهذا نتيجة أن المجتمع يكن كل الاحترام والتقدير للجريح وخاصة من يتحدي الإعاقة التي يصاب بها ويحاول أن يكون منتجاً في المجتمع ولا ينتظر مساعدة أو راتب تصرفه له الحكومة .

ولا يواجه الجريح أبو حمدة  في الوقت الحالي أي مصاعب في حياته، فقد تأقلم على وضعه، وأصبح قادراً على فعل كل شي بيده المبتورة، ولكن الشيء الأصعب الذي يواجهه هو الإهمال من قبل المؤسسات المعنية.

وقد كان استقبال الجريح لنا بصدر مفتوح وترحاب كبير ودعنا الجريح أبو حمدة بذات الابتسامة التي لم تغادر وجهه وكلماته الطيبة وإرادته القوية التي تشكل أنموذجا يحتذي به في تحدي الإعاقة التي لم تحط من همته أو تقف عائقاً أمام الاستمرار في الحياة مع تخطي عقباتها.

الجريح أبو حمدة هو واحد من آلاف الفلسطينيين الذين تكبدوا إصابات جسدية وأُجبروا على تحدي مصاعب إعاقتهم، نتيجة للصراع الدائر مع الاحتلال الاسرائيلي، وفي معظم الحالات، فإن هذه الفئة لا تتلقى معالجات إعادة تأهيل كافية بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، لكن يقول أن الإعاقة لا ينبغي أن تكون نهاية المطاف، مضيفاً: “رسالتي لجميع الأشخاص من ذوي الإعاقة أن لا ينسوا الحياة ويستسلموا لليأس، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس”.

ويواصل جريحنا عمله بهمة ونشاط عالٍ وهو يتحرك ما بين سقف المنزل والغرفة التي يوجد بها شاشة التلفاز، ليثبت للجميع أن الإرادة قوية كالعضلات، إن لم تكن أقوى؛ فالإرادة والتصميم على التحدي هي ما يهم، والحياة لا تنتهي ببتر يده، ومبدأه يقول أن مع كل نهاية يوجد دائماً بداية جديدة.

نظرات الإعجاب التي يلمسها أبو حمدة من أصدقائه، تجعل من الواضح أن رسالته حول الأمل والقوة والعزيمة وجدت طريقها إلى عقول وقلوب كل من تعرف عليه، وجعلته مصدر أمل وفخر لأقرانه وأبناء جلدته من سكان غزة.

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة