[:ar]الجريح عبد الدايم يحلم بعمل وبيت وحياة مستقرة
نبض الجريح/ نيفين محمد عبد الهادي
شاب طيب القلب خلوق وخفيف الظل ومرح وكريم وشهم، اجتمعت فيه تلك الصفات كلها فأحبه كل من عرفه ورآه…لم يكن يتوقع يوماً بأنه سيصبح مقعداً كسيحاً فاقداً لنعمة السير والحركة وأسيراً للكرسي المتحرك. كما أنها أفقدته مهنته.
جاءت أحداث قصتنا هذه المرة من قلب جريح جسور تحدّى الصعاب والألم لتبقى بسمته في وجهه أملاً أن يحيا حياة كباقي أفراد المجتمع دون نظرة للشفقة والاحسان، طموح مثابر، رغم الإعاقة إلا أن كرامته فوق كل اعتبار إنه الجريح البطل ابراهيم جهاد عبد الدايم.
نشأته
الجريح ابراهيم جهاد عبد الدايم من مواليد 11/11/1989 من سكان مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة متزوج ولديه طفلتان يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة حيث أنهى تعليمه في الصف السابع ولم يستطع إكمال تعليمه لظروفٍ حالت دون ذلك.
ظروف متردية
وفي مشهد مؤلم يبكي له الحال يصف الجريح عبد الدايم ظروفه الاقتصادية والمعيشية المتردية للغاية فبعدما أن حالت ظروف إصابته من تمكنه من العمل الذي كان يعمل به بمهنة القصارة والبناء والحدادة جعله غير قادر أن يسدد إيجار البيت الذي كان يقطن فيه مع أسرته الصغيرة زوجته وطفلتيه والعودة الى أدراجه لكنف والده في بيت يصعب أن تعيش فيه الدواجن “أعزكم الله” مع ثمانية أفراد من عائلته و”ذلك على حد وصفه”.
استشهاد… وإصابة
وعن ظروف الإصابة يقول:”في 30/7/2014 أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة وخلال هروبنا من بيتنا من شدة القصف والضرب الإسرائيلي الغاشم العشوائي على المواطنين دون مراعاة للإنسانية وللأطفال أو الشيوخ أو النساء وخاصةً في تلك المنطقة ببيت لاهيا التي تعرضت لشتى أشكال الدمار دون رحمة أو أي رأفة سواء على الحجر والبشر والشجر ولجأنا إلى مدرسة أبي حسين في منطقة جباليا كالباقي لنحتمي من الموت الحتمي”.
وبعد أن أطلق تنهيدة ألم طويلة مسح دمعةً من على وجنتيه ليخفيها من عيوننا أضاف وهو يمطُّ شفتيه بحرقة شديدة: ” لن أنسى تلك اللحظة في حياتي ففي الساعة الخامسة والنصف وأثناء هروبنا من مسكننا قام الاحتلال بإطلاق قذائفه الغدّارة لتوديَ بحياة والدي وأخي، كما أن والدتي قد أصيبت في عينها، وكذلك أختي بالجمجمة وزوجتي بعينها وابنتي أصيبت في الرأس، بينما أنا قد أصبت في قدمي اليمنى من فوق الركبة واليسرى من تحت الركبة والحمد لله على كل حال، حيث كتب لنا الله عمراً جديداً “.
حياتي…كرة السلة
ورغم إعاقته الشديدة إلا أن الجريح عبد الدايم كان يُبدي إصراراً وعزيمة واضحة على الاستمرار قُدُماً للحياة مؤكداً ذلك من خلال حديثه عن اهتمامه وهوايته برياضة كرة السلة ويعتبرها حياته التي من خلالها يفرغ عن الآمه وأحزانه، فهو تميز في اتقانها، ولم يشعر ذات مرة بالعجز وهو يلعبها مع رفاقه حيث إنه يتنقل بالقاعة والنادي بسرعة فائقة وبمنطلق الحرية.
وأوضح الجريح عبد الدايم أنه شارك في ثلاث بطولات في مختلف الأندية الفلسطينية “نادي السلام – ونادي الجزيرة – نادي البسمة للمعاقين” وكان دائماً من الفائزين والمتميزين فيها حيث تحدّى إرادته وواجه الإعاقة بقلب من حديد.
معاناة الجرحى
وتحدّث الجريح عبد الدايم عن مشاكل الجرحى ومعاناتهم اليومية والمستمرة حيث إنه يواجه صعوبات جمّة من حيث التنقل من مكان لمكان، فهناك الكثير من الاستغلال قائلاً: “السائق عندما يأخذك دائماً يتفوه بتلك الكلمات النابية دون مراعاة لمشاعرنا “مواصلات عليك ومواصلات على “الكروسة” يقصد الكرسي المتحرك”.
وتمنى الجريح عبد الدايم أن يكون هناك اهتمام من قبل المسؤولين وأصحاب القرار في الأخذ بيد الجريح ومساندته ومؤازرته في توفير كافة لوازم الدعم النفسي والمادي، وأن يتم احترام فئة الجرحى وتقديرهم تلك الفئة التي قدّمت أجسادها في سبيل الوطن.[:]