في فلسطين.. يترك الجرحى ينزفون حتى الموت

جمعية الأيدي الرحيمة – غزة

76 فلسطينياً استشهدوا خلال شهرين فقط، بعد أن أصيبوا برصاص الاحتلال وتركوا ينزفون حتى الموت، فامتنعت قوات الاحتلال عن تقديم العلاج الطبي لهم، بل ومنعت أطقم الإسعاف الفلسطينية من تقديم العلاج لهم.76 شاباً وفتاة ارتقوا شهداء في ظل نظر قوات الاحتلال لهم، بل والتقاط الصور لعمليات إطلاق النار عليهم، أو عقب استشهادهم، وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي للجنود.ووفق ما يرى متابعون فإن غالبية الشهداء أطلقت النيران نحوهم بطريقة الاعلام، وبعضهم الآخر نفذ عمليات طعن أو دهس بحق جنود الاحتلال أو المستوطنين، فأطلق الجنود أحياناً والمستوطنين في أحيان أخرى النار عليهم، وتركوا ينزفون ويقاسون الألم حتى استشهدوا.ولم يكتف الجنود بترك الفلسطينيين ينزفون حتى الموت، بل أنهم ساوموا بعض الشبان على تقديم العلاج الطبي لهم نظير الاعتراف بمن أرسلهم لتنفيذ العمليات، مثلما جرى مع الشهيد محمد إسماعيل الشوبكي من مخيم الفوار جنوب الخليل، وفق شهادات امنية.فيديو قصير نشرته قوات الاحتلال للشاب الشوبكي (20 عاماً)، الذي تخرج قبل ثلاثة اشهر من كلية فلسطين التقنية، متحدياً إعاقته السمعية، فهو كان يستعين بجهاز خاص لتحسين قدرته على السمع.فمحمد الشوبكي كان في طريقه نحو الخليل، وعند مدخل مخيم الفوار، واصل جنود الاحتلال التنكيل بالعابرين، وحين قام أحد الجنود الجنود بالتنكيل بمحمد كان رده الطبيعي بطعنه، وعلى الفور أطلق قناص متمركز في البرج العسكري على مدخل المخيم رصاصة أصابته في ظهره.ترك الشهيد الشوبكي ينزف حتى الموت، وبقي ممدداً على الأرض قرابة الساعة، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، فيما كان الجنود يخضعونه للاستجواب.ووفقاً لاتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان المؤرخة في 12 آب 1949، فإنها تنص: تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن: إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة، يجمع الجرحى والمرضى ويعتني بهم، ويجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع.وفي هذا الصدد، يؤكد المحامي والمستشار القانوني، زيد الأيوبي، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية ترتكب جرائم حرب سافرة بحق الجرحى الفلسطينيين، الذين يقعون في قبضة قوات الاحتلال، خلافاً لأحكام معاهدة جنيف الأولى الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى في أوقات النزاعات المسلحة.ويضيف الأيوبي أن المادة الثانية عشر من اتفاقية جنيف الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى تلزم دولة الاحتلال بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى الفلسطينيين، وفقاً للأصول الطبية المعروفة، ومعاملتهم معاملة إنسانية دون أي تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين أو القومية، حيث نصت في فقرتها الثانية على أنه “يجب على طرف النزاع الذي يكون الجرحى تحت سلطته أن يعاملهم معاملة إنسانية وأن يعنى بهم دون أي تمييز ضار علي أساس الجنس أو العنصر أو الجنسية أو الدين أو الآراء السياسية أو أي معايير مماثلة أخري، ويحظر بشدة أي اعتداء علي حياتهم أو استعمال العنف معهم، ويجب علي الأخص عدم قتلهم أو إبادتهم أو تعريضهم للتعذيب أو لتجارب خاصة بعلم الحياة، أو تركهم عمدا دون علاج أو رعاية طبية، أو خلق ظروف تعرضهم لمخاطر العدوى بالأمراض أو تلوث الجروح.وأكد الأيوبي على أنه ورغم أن دولة الاحتلال طرفاً في هذه المعاهدة الدولية، إلا أن قواتها هي الأكثر خرقاً لبنودها في السنوات العشرين الأخيرة، حيث أن جنود الاحتلال يتركون المصاب ينزف حتى وهو تحت سيطرتهم حتى الموت في العشرات من الحالات.وأضاف: مثلاً ترك الشهيد محمد الشوبكي قبل عدة أيام ينزف حتى الموت، علماً أن طواقم نجمة داوود الحمراء كانت موجودة في المكان، وكانت تقدم الاسعافات الأولية للجندي الإسرائيلي المصاب، رغم أن إصابته كانت طفيفة، والأولوية في العلاج وفقاً للقانون الدولي يجب أن تكون للجريح الذي يعاني من الإصابة الأخطر، وهو في هذا المثال الشهيد محمد الشوبكي من مخيم الفوار جنوب مدينة الخليل.وتابع الأيوبي: حتى طواقم نجمة داوود الحمراء يتعاملون مع الجرحى الفلسطينيين بتمييز عنصري واضح، كون سيارات الاسعاف التابعة لهم لا تعمل وفقاً لأصول مهمتهم الانسانية، التي تتطلب تقديم العون والرعاية الطبية اللازمة لكل من يحتاجها، بغض النظر عن قوميته أو دينه أو هويته، وهو ما يعني أنه مخالفة بنود اتفاقية جنيف المذكورة، فهي لا تقتصر على الجنود فقط، وإنما حتى الطواقم الطبية الإسرائيلية باعتبارهم شركاء في هذه المخالفة الصارخة.واستطرد الأيوبي قائلاً: جنود وشرطة الاحتلال يمعنون في انتهاك أحكام القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً معاهدة جنيف المذكورة، لا سيما أنهم بدلاً من يقوموا بواجبهم وفقاً للقانون بتقديم الرعاية الطبية للجريح، فإنه في كثير من الأحيان يعتدون عليهم بالضرب المبرح وتعذيبهم وشتمهم، وأكثر من ذلك، إخضاعهم للتحقيق على أيدي أجهزة الأمن الإسرائيلية.وأكد: المادة الثالثة عشر من اتفاقية جنيف تؤكد على أنها تنطبق على المقاومين، كقضية الطفل الجريح الأسير أحمد المناصرة الذي تم الاعتداء عليه وتعذيبه في فيديو شاهده الملايين من الناس.من ناحيته، يؤكد الخبير القانوني غاندي الربعي إن ترك الجرحى ينزفون دون تقديم المساعدة والعلاج لهم، أو منع الطواقم الطبية من القيام بذلك يشكل مسؤولية مباشرة عن حالتهم إذا توفوا أو تعرضوا لمضاعفات وساءت حالاتهم نتيجة لهذا المنع والتأخير.ودعا الربعي كافة مؤسسات حقوق الإنسان الدولية إلى ضرورة توثيق هذه الجرائم وفقاً للأصول القضائية المتعارف عليها دولياً، كونها ترقى لمستوى جرائم الحرب، التي تختص بها محكمة الجنايات الدولية وفقاً للمادة الثامنة من ميثاق روما لعام 1998.وأضاف الربعي: كما أنه يمكن لقضاء الدول الأعضاء في معاهدات جنيف نظر مثل هذه الجرائم عملاً بأحكام المادة 146 من معاهدة جنيف الرابعة على طريق معاقبة قيادات الاحتلال الإسرائيلية السياسية والعسكرية على جرائمهم البشعة بحق الجرحى الفلسطينيين.من جهته، أكد سفير المهام الخاصة، د. حسام زملط إن إسرائيل هي من توثق وتنشر فيديوهات قتل الأطفال وترك الجرحى ينزفون لأنهم يريدون ترهيب الشعب الفلسطيني، وكشف لا بشريتهم وتوحشهم وهم غير مكترثين بالقانون والمجتمع الدولي، فهم لم يعاقبوا مرة واحدة لغاية الآن.وأضاف د. زملط: سيتغير هذا عندما يبدأ العالم بتنفيذ مسؤولياته وتعهداته بمحاسبة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية التي تحصل في فلسطين بشكل يومي منذ سبعين عاماً، إلى أن يحصل ذلك، العالم متواطئ في جرائم اسرائيل.

thumbنقلا عن وكالة معا

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة