إرادة للبقاء وتحدِ لبتر ساقهِ. طوطح يعمل على تكتك

n1

نبض الجريح – جمعية الايدي الرحيمة الخيرية

أصبح أمر مألوف أن تجد مئات الشباب الفلسطيني في شوارع قطاع غزة يكمل حياته برجل واحدة، لكن القليل منهم استطاع الحصول على طرف اصطناعي يتنقل من خلاله دون معاناة، فعلى الرغم من قسوة الحياة في غزة، إلا أن إرادة البقاء عند هؤلاء الشباب تغلب الحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين.

محمد طوطح أصبح في غضون ثوانٍ مبتور القدم وهو في عمر الزهور، كان حينها لم يبلغ بعد الـ 20 عاما، عندما تفاجئ بصاروخ من طائرة استطلاع تهاجم جسده الصغير وهو عائد لمنزله من رحلة عمل في 28/12/2008م، أي خلال الحرب الأولي على قطاع غزة والتي شنتها إسرائيل.

ويقول ابن السادسة والعشرين:” حاولت الهروب من الصاروخ بعدما سمعت صوته، ولكن لم أشعر إلا بصوت انفجار هز المكان ووقعت على الأرض شعرت بأن الصاروخ قد أصابني فقد تناثرت أجزاء من الصاروخ إصابة كل جسدي، وحاولت تحريك قدمي بعد أن تأكدت بأن يدي سليمتين، فاستصعبت تحريك رجلي اليمن لأنظر لها وأكتشف حجم الإصابة فقد أصاب الصاروخ قدمي بشكل مباشر “.

تذكر في ذلك الوقت ما تحدث به مدرب الإسعاف الأولي الدكتور عمر المناصرة والذي حصل معه على دورة قبل حدوث الإصابة بأسبوعين، ليمسك قدمه فقد كان الجلد الخارجي هو من يوصل بينها وبين قدمه السفلي ليرفعها عن الأرض، وهو يشكر الله على سلامته وينتظر من ينقله للمستشفى.

” لا أعلم كيف صبرني الله ولم أكن أشعر بأي شيء، فقط كنت أنظر لقدمي وأتقرب بها لله وكنت أشعر بدمائي الدافئة تسيل من جسدي”، استمر وجودة 26 دقيقة بجانب المدرسة التي حمته بعد الإصابة وهي مدرسة تونس الخضراء في منطقة الزيتون شرق مدينة غزة والتي مازالت دمائه وشظايا الصاروخ شاهدة على جدرانها.

انتقل إلى المستشفى ليقرر الأطباء بتر قدمه، ومن ثم أنتقل لتكملة العلاج في دولة مصر ومكث فيها ثلاث شهور حتى التأم الجرح وتعافي من جميع الإصابات التي كان يعاني منها، ليعود إلى غزة ويقرر أن يكمل حياته العادية وألا تكون الإعاقة سبب في حبسة وتوقفه عن الحياة.

ويقول طوطح:” قررت أن أكمل حياتي وأن أعتمد على نفسي، لأحصل في أحدي زيارات وفد من جمعة الأيدي الرحيمة على تكتك بعد أن طلبته منهم كنوع من المساعدة لي، لأعمل عليه وأعيل نفسي”.

بعد حصوله على ما رغب به قرر والده أن يزوجه حتى تستطيع زوجته أن تشرف عليه وتساعده، وأضاف:” بعد قرار والدي خطبت وأخبرتها أن قدمي مبتورة وأن حياتي ستعتمد على عدم وجود طرف اصطناعي فلكبر البتر وصغر الساق المتبقية، والتي لا تتجاوز العشر سنتمتر من الصعب الحصول على قدم اصطناعي لأتزوج بعد ذلك”.

بدأ العمل على التكتك بعد أن أعد إعلان ونشره في الكثير من المناطق، ورغم البتر في قدمه فقد تشجع الكثير على أن يتصلوا به حتي ينقل لهم البضائع، وقال:” كنت أتلقي الكثير من التشجيع من قبل المواطنين والمجتمع، وكانوا يكررون الاتصال بي إذا احتاجوا لنقل، وقد قمت بإعادة تهيئة التكتك بما يتناسب مع وضعي واعتمادي على قدم واحدة “.

وأضاف:” خلال عملي لم أجد الكثير الصعوبات فقد كنت أطوع جميع المشاكل في عملي وضغوطات بعض الزبائن، فأنا المعيل الوحيد لعائلتي وهي زوجتي وأبني وننتظر طفل خلال الأشهر القادمة، واستطعت خلال السنوات الماضية أن أبني منزل خاص بي على100 متر ولكن بالدور الثالث، وحاليا أحلم أنا وزوجتي بشراء أرض لنبني عليها ونستقر خارج عمارة والدي “.

وعلى الرغم من تحديه لكل الصعوبات التي تواجه الشخص الكامل، إلا أنه يحتاج للكثير من الأمور الأخرى حتى تساعده على اكمال حياته، ” لست معترضا على عملي فأنا أحبة جدا، ولكن ازعاج التكتك يتعبني فإصابتي أثرت على السمع كذلك يحتاج عملي إلى جهد كبير وخاصة عندما يطلب مني أن أرفع وأنزل البضاعة وهذا متعب لي، أتمنى أن أحصل على عمل أجلس فيه مثل البقالة أو غيرها”.

ويتمني طوطح أن يحصل على منزل في الدور الأول حتى لا يضطر لاستخدام الدرج الذي يتعبه كثيرا عند خروجه من عملة وعودته، وأضاف:” الكثير من الأمور نحتاجها نحن الجرحى فلا اهتمام حقيقي بنا، فلا يوجد ممثل لنا خاص في الوزارات ليساعدنا على تخطي أصابتنا، فمثلا في المستشفيات نتعامل مثل إي مواطن رغم أننا مصابين نحتاج إلى جهة رسمية لتشرف علينا وتخفف من الآمنا ولا تزيدها “.

طوطح مثلا للكثير من الشباب المقبل على الحياة فرغم صغر سنه إلا أنه مثلا ليحتذي به في نشاطه وبحثة عن العمل فلم ييأس للبتر الذي أصاب قدمه ليعيش مثل إي شخص ويتزوج وينجب، ويكون مسؤولا عنهم بشكل كامل ومازال يتابع نشاطه الرياضي في المشي، ويتحدى كل الصعاب ويحلم ويحقق أحلامه.

شاهد المزيد من الأخبار والأنشطة